للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أبعد بعدت بياضا لا بياض له ... لأنت أسود في عيني من الظلم)

ومن تأول له فيه جعل أسود ها هنا من قبيل الوصف المحض الذي تأنيثه سوداء، أو أخرجه عن حيز أفعل الذي للتفضيل والترجيح بين الأشياء، ويكون على هذا التأويل قد تم الكلام وكملت الحجة في قوله: "لأنت أسود في عيني"، وتكون "من" التي في قوله: "من الظلم" لتبين جنس السواد لا أنها صلة أسود ومعنى قوله: "بياضا لا بياض له" أي ما له نور ولا عليه طلاوة

ــ

جواب عن سؤال يرد على ما قالوه من أنه لا يبنى من الألوان ولا من العيوب المحسوسة بالبصر. كما في "الحواشي" لا وجه لقوله من عمى القلب؛ لأن الفعل - وإن كان ثلاثيا منهما - إلا أنه يقال: عمي وعمه قلبه، والأول للبصر وهو في القلب استعارة.

وقد قال "أبو عبيدة" - في قوله تعالى: {فهو في الآخرة أعمى} [الإسراء: ٧٢]: معناه أشد عمى، لأنه كقوله: وأضل سبيلا.

قلت: هو على ما فيه من الخلل غير مسلم؛ فإنه سمع عمى قلبه من العرب. وفي "تهذيب الأزهري" العمه: التحير، وقال بعضهم: العمه في الرأي والعمي في البصر. قلت: ويكون العمى في القلب، فيقال: رجل عم إذا كان لا يبصر بقلبه. اهـ.

فإذا سمع قديما وكان غير مرئي بحاسة البصر سواء كان حقيقة أو مجازا فالاعتراض من العمى أو التعامي.

وفي "أصول ابن السراج" - بعدما أورد السؤال بالآية - أجيب عنه بجوابين: أحدهما، أنه من عمى القلب وإليه ينسب أكثر أهل الضلال فيقال: ما أعماه، كما يقال: ما أحمقه!

والآخر، أن يكون من عمى العين، ولا يراد به أعمى من كذا، بل إنه أعمى كما

<<  <   >  >>