للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا ولى لفظة بين الاسم العلم رفعت فقلت: بينا زيد قام جاء عمرو، وإن وليها المصدر فالأجود الجر كهذه المسألة. وحكي «أبو القاسم الآمدي» في أماليه عن «أبي عثمان المازني» قال: حضرت أنا و «يعقوب بن السكيت» مجلس «محمد بن عبد الملك الزيات» فأفضنا في شجون الحديث إلى أن قلت: كان «الأصمعي» يقول: بينا أنا جالس إذ جاء عمرو محال، فقال «ابن السكيت»: أخطأ. هذا كلام الناس قال: فأخذت في مناظرته عليه وإيضاح المعنى له فقال لي «محمد بن عبد الملك» دعني حتى أبين له ما اشتبه عليه، ثم التفت إليه وقال له: ما معنى بينا؟ فقال: حين. قال: أفيجوز أن يقال حين جلس زيد إذا جاء عمرو؟ فسكت. فهذا حكم بينا، وأما بينما فأصلها أيضا بين فزيدت عليها ما ليؤذن بأنها خرجت عن بابها بإضافة ما إليها، وقد جاءت في الكلام تارة غير متلقاة بإذ مثل بينا، واستعملت تارة متلقاة بإذ وإذا اللذين للمفاجأة كما قال الشاعر:

(فبينما العسر إذ دارت مياسير)

ــ

(فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتكفف)

ولا يجيء بعد إذ إلا الماضي وبعد إذا إلا الاسمية. والأصل تركهما في جواب بينا وبينما لكثرة مجيء جوابهما بدونهما، والكثرة لا تدل على أن المكثور غير فصيح، بل تدل على أن الأكثر أفصح وفي الحديث: «بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ أتانا رجل» وفي كلام أمير المؤمنين «علي» رضي الله عنه «بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته». والعجب من المصنف أنه قال في مقاماته «فبينا أنا أطوف وتحتي فرس قطوف إذ رأيت» وقال أيضا «فبينا أنا عند حاكم الإسكندرية إذ دخل شيخ

<<  <   >  >>