فاختلف من بالحضرة في إعراب «رجل»، فمنهم من نصبه وجعله اسم إن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرة على أن شيخها «أبا عثمان المازني» لقنها إياه بالنصب، فأمر «الواثق» بإشخاصه. قال «أبو عثمان» فلما مثلت بين يديه، قال ممن الرجل؟ قلت من بني مازن. قال: أي الموازن مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة؟ قلت: من مازن ربيعة. فكلمني بكلام قومي قال لي: با اسمك؟ لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما إذا كان في أول الأسماء. قال: فكرهت أن أجيبه على لغة قومي لئلا أواجهه بالمكر. فقلت: بكر يا أمير المؤمنين. ففطن لما قصدته وأعجب به، ثم قال: ما تقول في قول الشاعر:
(أظلوم إن مصابكم رجلا ... )
أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين. قال: ولم ذلك؟ فقلت: إن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم، فأخذ «اليزيدي» في معارضتي فقلت: هو بمنزلة قولك إن ضربك زيداً ظلم، فرجلا مفعول مصابكم، ومنصوب به، والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فيتم الكلام. فاستحسنه «الواثق» وقال: هل لك من ولد؟ قلت: نعم بنية يا أمير المؤمنين قال: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت:[أنشدت] قول «الأعشى»:
ــ
هو من شعر «الزهير بن جناب» وقبل: «للربيع بن ضبع الفزاري». والكنائن جمع كنانة بمعنى العشيرة مستعار من كنانة السهم.