إلى دقة الهلال وقلة ما بقي من الشهر، كما يقال: شعشعت الشراب بالماء إذا رققته بهن ومن رواه بالسين المهملة وهو أشهر الروايتين فالمراد به أن الشهر قد أدبر وفني إلا أقله.
وجاء في حديث عمر. رضي الله عنه. "أنه كان ينس الناس بعد العشاء الآخرة بالدرة ويقول: انصرفوا إلى بيوتكم" فمن رواه بالسين المهملة عني به يسوقهم، ومنه سميت العصا منسأة للسوق بها، ومن رواه بالمعجمة فمعناه بتناولهم مأخوذ من قوله تعالى:{وأنى لهم التناوش}. وورد في الآثار أن "عليا". كرم الله وجهه. خطب الناس على منبر الكوفة وهو غير مشكوك، فمن رواه بالشين المعجمة معناه أنه غير مشدود [وأصله من الشك وهو لصوق العضد
ــ
(إن الشهر قد تشعشع فلو صمنا بقيته، روي بإعجام الشين وإهمالها) قالوا: المراد بالشهر هنا الهلال ومعناه على الإعجام استدق من شعشعت الشراب بالماء شعشعة إذا مزجته فرققته، وهذا هو معنى الشعشعة في كلام العرب، وأما قول الناس: شعشة الأنوار بمعنى إشراقها وتلألئها فليس من كلام العرب كما في حواشي "شرح المطالع" وعلى الإهمال معناه أدبر وزال، ونقل "ابن يري" فيه لغة ثالثة وهي: تشعسع، وهي بمعجمة مقدمة ثم مهملة من الشسوع وهو البعد.
(كان ينس الناس بعد العشاء الآخرة بالدرة) النس بمعنى السوق صحيح، وأما كون المنسأة منه فغلط، لأنها لو كانت منه قيل بغير ألف: منسة، وإنما هي من نسأ المهموز بمعنى ساق، وهي مادة أخرى، وكون الإعجام بمعنى التناول ومنه التناوش في الآية مما غلط فيه أيضًا لأنه من النوش الأجوف، وهذا من النش، وبينهما بون بعيد.