للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقيض لفظة البشارة لفظة المأتم، يتوهم أكثر الخاصة أنها مجمع المناحة، وهي عند العرب النساء يجتمعن في الخير والشر بدلالة قول الشاعر:

(رمته أناة من ربيعة عامر ... نؤوم الضحا في مأتم أي مأتم)

أي في نساء أي نساء، ويروي: أي مأتم بالرفع على حذف الخبر، ويكون تقدير لكلام: أي مأتم هو؟

ــ

وإلا لزم الكذب في كلام أصدق القائلين، وأجيب عنه بأنه قاس الوعد على الوعيد وبينهما فرق، لأن الوعد حق عليه تعالى، والوعيد حق له، ومن أسقط حق نفسه فقد جاد وتكرم، فظهر الفرق وبطل القياس.

وفيه أنه لم يدع القياس وإنما رده بلزوم المحال في صدور الكذب من ذي الجلال، ولهذا قيل: إنه إنما يتم لو كان الوعيد ثابتًا من غير شرط وهو مشروط بعد [العفو]، ولما رآه بعضهم غير تام لأن التقدير مع أنه خلاف الظاهر يجري فيهما.

قال إنهما من قبيل الإنشاء فلا يجري فيه الكذب والصدق، وفيه كلام ليس هذا محله.

(ونقيص لفظ البشارة لفظة المأتم، يتوهم أكثر الخاصة أنها مجمع المناحة، وهي عند العرب النساء يجتمعن في الخير والشر).

وهذا ليس بشيء لأنه قد ورد المأتم في كلام العرب بمعنى مجمع المناحة والحزن، كما قال "زيد الخيل":

(أفي كل عام مأتم تبعثونه؟ )

وقال "التميمي" في "منصور بن زياد"

(فالناس مأتمهم عليه واحد ... في كل دار رنة وعويل)

<<  <   >  >>