واعلم أن هذا كما قاله "البيهقي" في كتاب "الانتصار" للشافعي أنه لما فسر قوله تعالى: {ذلك أدنى ألا تعولوا} بأن لا يكثر من تعولون، اعترض عليه بأنه مخالف لكلام المفسرين والأدباء، لأنهم فسروه بألا تجوروا، من عال الرجل إذا جار ومال، أو عال إذا افتقر، أو عال عياله أنفق عليهم، أو عال إذا كثر عياله، فلم يفرق بين عال وأعال.
قال "البيهقي": قلت: ليس كذلك؛ لأن "زيد بن أسلم" من علماء هذه الأمة، وقد فسره بما قاله "الشافعي" كما رويناه عنه مسنداً.
وفي "مختصر العين" أن "الشافعي" ذهب في ذلك إلى أن أصل العول الميل، لكنه ليس بمطلق؛ لأنه لا يقال للجدار إذا مال: عال، وإنما هو مختص بالنسم، لأن أصل العول قوت العيال ومنه يتسبب الميل، ومنه القسم بين الضرائر والإنفاق وغيره، فسمى هذا العول ميلاً، فذهب "الشافعي" إلى أصل المعنى، والمفسرون إلى ما تسبب عنه، وهم كثيراً ما يقولونه.
وقال "الجامي": من عرف توسع كلام العرب لم يضق عليه مثله، وقد رد "الأزهري" اعتراض "أبي داود" على "الشافعي"، وروى عن كل من "الفراء" و"الكسائي" أنه قال: سمعت كثيراً من العرب يقولون: عال الرجل إذا كثر عياله، إلا أن