وتذكير الله تعالى رسوله. - صلى الله عليه وسلم - بقوله لهذا المنعم عليه (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) لبيان إعظام حياء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنه استحيا ممن لا يستحيا من مثله في علاقته به ومكانته منه.
وفي قوله (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) احتمالان:
الأول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك وقد " أعلمه الله أنَّهَا ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها " بعد طلاق زيد لها وانقضاء عدتها منه.
فلما عرض عليه زيد طلاقها -وعنده العلم بأنَّهَا ستكون زوجة له- أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يتعرف ما عند زيد من بقاء رغبة فيها وميل إليها، وأن ما وقع إنما هو ثورة غضب قد تذهب فيما بعد، أو أن إرادة طلاقها كانت عزيمة صارمة تشعر بعدم بقاء أي رغبة فيها وميل إليها.
الثاني: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك - وزيد يعرض عليه طلاق زوجه زينب لتعاليها عليه بنسبها وحسبها وشدة لسانها - من باب الرأفة والرحمة اللتين جُبل عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنصح لهما وتقديم الأمر بالمعروف إذ لم يحدد الله تعالى له وقت طلاق زيد لها وزواجه بها فما تزال الفرصة قائمة في اجتهاده - صلى الله عليه وسلم -.
فكان هذا القول (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) من قبيل الاجتهاد في عدم التوقيت.