الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ) يهيج الشر، (بَيْنَهُمْ) فإذا لم يكونوا على دين الكلام فلربما يفضي إلى المخاصمة والمشاجرة، (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) وعن الكلبي، أنها نزلت حين شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحش كلام المشركين وسوء خلقهم فقيل: الكلمة التي هي أحسن أن يقولوا يهديك الله، وقيل: هذا قبل الإذن في الجهاد، (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) فيوفقكم للإنابة والطاعة الظاهر أنه خطاب للمؤمنين وحث على المداراة، (أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) وقيل: ربُّكم أَعْلَمَ تفسيرًا للكلمة التي هي أحسن أي: يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا يقولوا لهم إنكم من أهل النار ومعذبون وما يشبهها، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكيلاً) ليس أمرهم موكولاً إليك إنما أنت نذير فما عليك إلا التبليغ وحسن المعاشرة وطيب الكلام في النصح والله الهادي، (وَرَبُّكَ أَعْلمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) فإنه خلقهم على قوابل مختلفة ومراتب متفاوتة في الفهم وقبول الفيض من مفيض الحكمة فليس لأحد أن يستبعد في نبوة يتيم أبي طالب عليه السلام وفي سيادة الجوَّع العراة رضي الله عنهم وأرضاهم، (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) بمزيد العلم اللدني لا بوفور المال الدني، (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) إشارة إلى وجه تفضيله فعلم من هذا أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل فإن كتابه أشرف الكتب (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[الأنبياء: ١٠٥]، وما وقع في الصحيحين من النهي عن التفضيل بين الأنبياء فمحمول على التفضيل بالتشهي والعصبية ولا خلاف