لفضيلة الدكتور / عبد الحميد هنداوي الأستاذ بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب والفرقان، وأصلى وأسلم على حامل لواء الفصاحة والبيان، محمد وآله وصحبه ومن تبعه بإحسان.
وبعد، فهذا كتاب في التفسير قلَّ أن تجد مثله، فهو قصد ووسط بين المختصرات والمطولات، يوضح العبارة بأيسر إشارة، ويجمع الكثير من المعاني بقليل من الألفاظ الدواني، ويلخص الأقوال، ويرجح المقال على المقال، ويشير إلى أسرار الإعجاز بشيء من الإيجاز، ويرد الأقوال الممتحلة من الفلاسفة والمعتزلة، وينافح عن كلام رب العالمين برد كلام المبطلين والغالين.
وقد كتبه مصنفه بعد تردد وتأخر، لكنه عزم عليه كما يقول لما لم يجد " في التفسير مختصرًا يغني، وكتابًا يقرب ويدني ".
وبالحق كان كتابه سدًّا لهذه الثغرة، فكان مختصرًا يغني، وكتابًا يقرب ويدني؛ فهو على اختصاره يغني عما سواه من المطوّلات، وعلى وجازة إشارته يقرب المعنى البعيد ويدنيه، وكان من خير ما قدر لهذا الكتاب أنه حاز الفضل من جهتين:
من جهة مصنفه (الإيجى) - رحمه الله - في حسن تصنيفه والعناية بتأليفه، وتحرير مسائله العقدية واللغوية والبلاغية.
ثم من جهة محشّيه (الغزنوي) - رحمه الله - الذي خدم هذا الكتاب خدمة جليلة لا تقل عن خدمة مصنفه الأصلي بل تزيد، حيث إنه قد انبرى لما فات المصنف أن ينبه عليه مما يخالف عقيدة السلف أو ما وقع فيه المصنف نفسه من باب الخطأ والزلل في مخالفة عقيدة السلفى الصالح (رضوان الله عليهم جميعًا) فانبرى لذلك الشيخ الغزنوي - رحمه الله - وقد كان سنيًّا سلفيًّا واضح المذهب مقتديًا بالإمامين ابن تيمية وابن القيم - رحمهم الله تعالى جميعًا - ويكثر النقل عنهما؛ فخلّص الكتاب مما قد يشوبه أو يشينه من