الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأظهره على الدين كله فالحقّ أحقَّ، والباطل أزهقَ؛ أنزل معه كتابًا قطع أعناق العتاق السَّبَق، وأبكم به البلغاء من العرب العرباء طبقًا بعد طبق، شهد محكم آياته القديمة بأن المُنَزَّلَ حق غير مختلق، ودل مضمون سوره العظيمة على أن رسوله صادق مصدق، فصلِّ يا رب وسلم على سيدي سرى ليلاً إلى السبع الطباق فخرق؛ وبلغت بلاغة كتابه نحوًا لا يسبق، بل شأوًا لا يلحق؛ ثم على آله مظاهر ألطاف الله وأفضاله الذين كل منهم في سماء الشرف قمر إذا اتسق.
أما بعد، فلما أن رأيت همم أبناء العصر قاصرة، ومساعيهم وإن جدوا في الطلب فاترة، قنعوا عن الحقيقة بالمجاز، ومالوا عن التطويل إلى الايجاز، ولعمري يكاد أن يعد ذلك من علو همتهم، وقوة نهمتهم؛ لأنهم أرادوا حوز العلوم بأسرها، وقصدوا