لمن تاب وآمن فلا إقناط من رحمته، (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ): بديعًا غريبًا آمركم بما لا يأمرون به، (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ): لا أدري إلى ما يصير أمري وأمركم في الدنيا وعن بعض: معناه لا أدري حالي وحالكم في الآخرة، ثم نزل بعده " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "[الفتح: ٢] فقال الصحابة: هنيئًا لك، وعلمنا ما يفعل الله تعالى بك فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالي:(ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات) الآية [الفتح: ٥]، وعن بعضهم معناه: لا أدرى بماذا نؤمر وبماذا ننهي بعد ذلك؟ أو لا أدري حالى وحالكم في الدارين على التفصيل إذ لا أدعي علم الغيب، (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)، لا أبتدع من عندي شيئًا، (وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ)، قيل: هو جواب عن اقتراحهم الإخبار عن الغيب، أو عن استعجال المسلمين أن يتخلصوا من أذى المشركين، (قُلْ أَرَأَيتمْ إِن كَانَ): القرآن، (مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)، هو عبد الله بن سلام، صرح به جماعة لا يحصى من السلف، وعليه حديث البخاري ومسلم، فهذه الآية مستثناة من كون السورة مكية، كما صرح به في تفسير الكواشي وقد يأول بأن المراد، ويشهد شاهد فيكون على طريقة (ونادى أصحاب الأعراف)[الأعراف: ٤٨] فالآية في حقه الحكم بأنه يشهد بعد ذلك، (عَلَى مِثْلِهِ)، أي: على مثل ما أخبر القرآن به، وقيل: المثل صلة، (فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ)، فعطف كفرتم على كان، وعطف واستكبرتم على شهد، وعطف جملة شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله، فآمن واستكبرتم على جملة كان من عند الله وكفرتم وجواب الشرط محذوف، أي: ألستم ظالمين؟ ويدل عليه قوله:(إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).