(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) القوم بدليل تصغيرها على قويمة مؤنثة (الْمُرْسَلِينَ) فإن من كذب رسولاً فقد كذب الرسل (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ) لأنه منهم (أَلَا تَتَّقُونَ) الله (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) عرفتموني قبل الرسالة بالأمانة (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ) على ما أدعوكم إليه (مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) كرره تأكيدًا، وتنبيهًا على أن كلاًّ من الأمانة، وحسم الطمع موجب لقبول النصح، فكيف إذا اجتمعا (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ) الهمزة دلإنكار (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) الواو للحال، وأتباعه الحاكة والسوقة حينئذ (قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ما أعلم صنائعهم، وليس لي من دناءتهم شيء إنما كلفت بالدعوة المطلقة (إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي) أي: لا أطلب إلا التصديق فيما جئت به، والله مطلع على السرائر (لَوْ تَشْعُرُونَ) لعلمتم ذلك، قيل مرادهم أنَّهم سفلة اتبعوك لعزة ولقمة لا لاعتقاد ويقين كما قال تعالى حكاية:(الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ)[هود: ٢٧] فأجاب بأني لا أعلم أعمالهم،