وهو جواب شرط محذوف، أي: أرضي واسعة فإن لم تتمكنوا في إخلاص العبادة في أرض فاعبدوني في غيرها ولما حذف الشرط عوض عنه تقديم المفعول مع أن التقديم مفيد للاختصاص نزلت في ضعفة المسلمين الذين لم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة، أو في قوم خافوا من ضيق العيش، وتخلفوا عن الهجرة (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) فاستعدوا له بأي طريق تيسر لكم أو خوفهم بالموت ليهون عليهم الهجرة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) ننزلنهم (مِّنَ الجَنَّةِ غرَفًا) نصب غرفًا على قراءة لنبوئنهم أي: لنقيمنهم مفعول ثان أيضًا لإجرائه مجرى لننزلهم أو بنزع الخافض أو تشبيه الظرف المعين بالمبهم لأنه منكر كـ أرضًا فِي " أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا "[يوسف: ٩](تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) ذلك (الذِينَ صَبَرُوا) على مفارقة الأوطان والمشاق لله (وَعَلَى رَبِّهِمْ) لا على غيره (يَتَوَكَّلُونَ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) لا ترفع رزقها معها ولا تدخره (اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) أيضًا إن كنتم تجمعون وتدخرون فلا تخافوا على معيشتكم بالهجرة (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوال العباد (الْعَلِيمُ) بأحوالهم فلا يغفل عنهم أبدًا (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي: أهل مكة (مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي: إذا كان هذا جوابهم فكيف يصرفون عن توحيده فإنهم مقرون بأنه خالقها (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ) يضيق (لَهُ) هذا الضمير غير عائد إلى من، بل وضع موضع لمن يشاء بجامع كونهم مبهمين، وهذا من توسعهم فيتعدد المرزوق أو عائد إليه والتعدد بحسب أحواله يبسط له تارة ويقبض له أخرى (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يعلم مصالحهم ومفاسدهم وهذه