وغالبيتهم إلا بإرادته وقضائه، (وَيَوْمَئِذٍ): يوم يغلب الروم فارس، (يَفْرَحُ الُمؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ): بتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له أو لأجل ظهور صدقهم فيما أخبروا به من غلبة الروم، (يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ): ينتقم من عباده تارة بالمغلوبية، (الرَّحِيمُ) فيتفضل أخرى بالنصر، (وَعْدَ اللهِ)، مصدر مؤكد لنفسه، (لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ): صحة وعده لكفرهم، (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، فإن لها ظاهرًا وهو التمتع بزخارفها، والتنعم بملاذها وباطنًا وهو أنها مجاز إلى الآخرة، ومزرعتها، جملة مستأنفة لبيان موجب جهلهم، (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ): لا يخطر ببالهم، فهم عقلاء في أمور الدنيا بُلهٌ في أمور الدين، (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ)، التفكر لا يكون إلا في القلوب لكن فيها زيادة تصوير لحال المتفكرين كقولك: أضمره في نفسك، (مَا خَلَقَ اللهُ)، ما نافية متعلق بمحذوف، أي: فيقولوا أو فيعلموا ما خلق الله، (السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا): متلبسة، (بِالْحَقِّ): لا عبثًا وباطلاً، (وَأَجَلٍ مسَمًّى) تنتهي عنده وهو قيام الساعة، عطف على الحق، أو معناه أولم يتفكروا في أمر أنفسهم فإنها عالم صغرى فيعلموا حقيقة خلق العالم الكبرى وفناءه، ومن عرف نفسه فقد عرف ربَّه، (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ): قيام الساعة، (لَكَافِرُونَ): جاحدون، (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ): ألم يسافروا؟! (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ): فينظروا مصارع الأمم السالفة المكذبة، فيعتبروا، (كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً)، كعاد وثمود، (وَأَثَارُوا الْأَرْضَ)، قلبوها للزراعة، (وَعَمَرُوهَا): بالأبنية أو بالزراعة، (أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا)، فإنهم في واد غير ذي زرع، (وَجَاءتْهُمْ