(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ)، فإنه أصل الكل، (ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) أي: ثم فاجأتم وقت كونكم بشرًا منتشرين في الأرض، فثم لتراخي الرتبة، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا): من جنسكم، أو المراد خلق حواء من ضلع آدم، قيل: المراد خلقن من نطف الرجال، (لِتَسْكُنُوا): لتميلوا وتألفوا، (إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ) بين الرجال والنساء، (مَوَدَّةً وَرَحْمَةً): بعد أن لم تكن سابقة معرفة ولا سبب يوجب التعاطف، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ): في غرائب صنعه، (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ): لغاتكم وايم الله إنه من غرائب صنعه، فَلِكُلٍّ لغة والكل مركب من تسعة وعشرين حرفًا، ولو تكلم صاحب لغة بلغته من مبدأه إلى منتهاه بحكايات مختلفة متميزة لتمكن منه، ولا يتحد كلام بكلام مع اتحاد ما ركب منه، (وَأَلْوَانِكُمْ)، هيئاتكم وحُلاكم بحيث وقع التمايز حتى بين التوأمين، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) لا تكاد تخفى على أحد، (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) من باب اللف، أي: منامكم، وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار وهما ظرفان والواقع فيهما مظروفهما، والظرف والمظروف كشيء واحد فلا فصل بالأجنبي والنكتة في العدول هي الاهتمام بشأن الظرف، أو المراد منامكم في الزمانين وطلب المعاش فيهما فحذف من أحد المتقابلين ما يقابل الآخر للدلالة، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ): سماع تَفَهمٍ، (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ) أي: إراءة البرق نزل الفعل منزلة المصدر، (خَوْفًا وَطَمَعًا): إراءة خوف وطمع أو إخافة