المراد: بعض الملائكة المقربين فإنهم لا يصعقون عند هذه النفخة، بل يقبض الله تعالى أرواحهم بعدها، حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، فلا ييقى إلا الله تعالى، فيقول: لمن الملك اليوم؟، ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه بنفسه، فيقول: لله الواحد القهار، وقد ورد في حديث أن المراد منهم الشهداء، فإنهم متقلدون أسيافهم حول عرشه، وقد مر فى سورة النمل، (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ): في الصور، (أُخْرَى)، مرفوع بأنه فاعل نفخ، كما يقال: جاءتني أخرى، أو منصوب بمصدر أي: نفخة أخرى، ونفخ مسند إلى الجار والمجرور، (فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ): قائمون من مهلكهم، (يَنْظُرُونَ)، إلى الجوانب كما كانوا قبل ذلك، أو ينتظرون أمر الله تعالى فيهم، (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ): أضاءت أرض القيامة، (بِنُورِ رَبِّهَا)، الذي خلقها من غير وساطة جرم، وذلك حين تجليه سبحانه للخلق لفصل القضاء، أو معناه أضاءت بما يقام فيها من العدل، كقولك: أضاءت الدنيا بقسطك، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ): كتاب الأعمال للجزاء، واكتفى باسم الجنس، (وَجِيءَ بالنبيِّينَ)، يشهدون على الأمم، أنَّهم بلغوهم رسالة الله تعالى، (وَالشُّهَدَاءِ)، من الملائكَة، الحفظة على أعمال العباد، أو الذين يشهدون للرسل بالتبليغ، وهم أمة محمد عليه الصلاة والسلام، (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ): بالعدل، ولكل من الطرفين صلاحية أن يقوم مقام الفاعل، (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ): فلا يزاد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم، (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ)، أي: جزآءه، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ)، فلا يفوته شيء مما عملوا.