فاصبر كما صبروا ولا تجزع (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ): لمن تاب، (وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ): لمن أصر على التكذيب وقيل: معناه لا يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم، وهو إن ربك لذو مغفرة، فقوله:" إن ربَّك " بدل مما قد قيل (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا): بغير لغة العرب، (لَقَالُوا لَوْلَا) أي: هلا، (فُصِّلَتْ آيَاتُهُ): بينت بوجه نفهمه، (أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) أي: أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟! فالهمزة للإنكار، ومن قرأ بلا همزة فهو إخبار وعن بعضهم أن معناه حينئذٍ هلا فصلت آياته فجعل بعضها أعجميًا وبعضها عربيًا، لينتفع بها القبيلتان، يعني هم على أي حال تجدهم في عنادٍ واعتراض متعنتين. نقل البغوي عن مقاتل أنها نزلت حين قال المشركون: يعلم يسارٌ محمدًا القرآن وهو غلام يهودي، أعجمي يكني أبا فكيهة، (قُلْ): يا محمد (هُوَ): القرآن، (لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى): إلي الحق، (وَشِفَاءٌ): من الجهل، (وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)، عطف على المجرور باللام (فِى آذَانِهِمْ وَقْرٌ)، عطف على هدى، والمحققون يجوزون مثل ذلك العطف " وفي آذانهم " حال من الضمير في الذين لا يؤمنون، ووقر أي: ذو وقر أو كوقر أو الذين كفروا مبتدأ، وخبره في آذانهم وقر بتقدير مبتدأ أى: هو يعني القرآن في آذانهم وقرٌ فيكون من عطف الجملة على الجملة (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) أي: ذو عمى أو كعمى فلا ينتفعون به أصلاً (أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) لهذا تمثيل أي: مثلهم مثل من يصيح به من مسافة بعيدة، لا يسمع من مثلها إلا مجرد نداء، مثل الذين كفروا، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء وعن الضحاك ينادون يوم القيامة من مكان بعيد بأشنع أسمائهم.