قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)، كقول الظان، (قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ)، ذُكر أن معه عنبًا وتينًا وعصيرا، فالطعام الأولان، والشراب الأخير، (لَمْ يَتَسَنَّهْ): لم يتغير لا العنب والتين تعفنا، ولا العصير استحال، أفرد الضمير، لأنهما كجنس واحد، (وَانظُرْ إلَى حِمَارِكَ)، كيف تفتت عظامه، حتى تعلم مكثك مائة سنة، (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ)، أي: وفعلنا ذلك لنجعلك، وقيل عطف على مقدر، أي: فعلنا ذلك ليزداد بصيرتك ولنجعلك، قيل: كان هو أسود الشعر وبنو بنيه شيب، (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ): عظام الحمار، (كَيْفَ نُنشِزُهَا): نحييها، أو نرفعها، فنركب بعضها على بعض، والجملة حال من العظام، وكيف منصوب بـ ننشزها، (ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ): ما أشكل عليه، قيل: تقديره لما تبين له أن الله على كل شيء قدير، (قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ففاعل تبين مضمر يفسره ما بعده، أي: صار العلم عينيًّا بعدما كان غيبيًّا، (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)، ذكروا لسؤاله أسبابًا منها، أنه لما قال لنمورد: ربي الذي يحيي ويميت، أحب أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، ومنها أنه رأى جيفة أكلتها السباع والطيور فسأل، (قَالَ): الله، (أَوَلَمْ تُؤْمِن): بأني قادر على الإحياء، قال له ذلك ليجيب بما أجاب، فيعلم الناس غرضه، أي: أتنكر ولم تؤمن؟، (قالَ بَلَى)، آمنت، (وَلَكِن)، سألت، (ليَطْمَئِنَّ قلبي)، بالمعاينة، (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ)، اختلفوا في أنها ما هي، قيل: غرنوق وطاوس وديك وحمامة، (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)، أي: قطعهن منضمات إليك، أو اضممهن إليك لتعرف شأنها لئلا تلتبس عليك بعد الإحياء، (ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ): من الجبال التي بحضرتك، وكانت أربعة أو سبعة، (مِنْهُنَّ