قال " ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى يعملون بالمعاصي فغضب أهل الإيمان، فقاتلوهم فهزم المؤمنون ثلاث مرات، فلم يبق منهم إلا القليل، فقالوا: تعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا عيسى يعنون: محمدًا صلى الله عليه وسلم -، فتفرقوا في غيران الجبال، وأحدثوا رهبانية، فمنهم من تمسك بدينه، ومنهم من كفر، ثم تلا هذه الآية "، وفي رواية " فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم الذين آمنوا بي، وكثير منهم فاسقون الذين كذبوني "، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ)، الخطاب لمؤمني أهل الكتاب، (وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ): محمد - عليه الصلاة والسلام (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ): نصيبين، (مِنْ رَحْمَتِهِ): للإيمان بنبيكم، وللإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك لمن بقى على دين عيسى - عليه السلام - ولم يغير، (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ): على الصراط، (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ): وكثير من السلف على أن هذه الآية لما افتخر أهل الكتاب بأنَّهم يؤتون أجرهم مرتين أنزل الله تعالى في شأن هذه الأمة المرحومة، ففضلهم على أهل الكتاب بالنور والمغفرة، (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ): الذين لم يؤمنوا، (أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ) أي: يعطيكم الله تعالى نصيبين من رحمته، لأن يعلم الكافرون منهم أنه لا يتمكنون من نيل شيء من فضل الله تعالى، فلا مزيدة، (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، وعلى التفسير الثاني معناه أعطيناكم يا أمة محمد كفلين من رحمته