بالتمييز (عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا) فاعل كبر (مَا لَا تَفْعَلُونَ) في هذا الأسلوب من الكلام ما لا يخفى من المبالغة نزلت في جماعة قالوا: لوددنا أن الله دلنا على أحب الأعمال إليه، فنعمل به. فأخبر الله نبيه أنه الجهاد، فلما فرض نكل عنه بعضهم، وكرهوا، أو نزلت لما التمسوا الجهاد فابتلوا به، فولوا يوم أحد مدبرين، أو في قوم قالوا: قاتَلْنا طعنّا ضرَبّنا صَبرنا، وهم كاذبون، أو في المنافقين يعدون نصر المؤمنين ولا يفون، وعلى أي ففيه وعيد شديد لمخلف الوعد والعهد (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) مصطفين (كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) قد رص بعضه ببعض فليس فيه فرجة حال من ضمير صفا (وَإِذْ قَالَ مُوسَى) أي اذكر للتسلية (لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) لظهور المعجزات (فَلَمَّا زَاغُوا) صرفوا عن الحق مع علمهم (أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الهدى وأسكنها الشك والحيرة (وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) أي: من سبق في علمه أنه فاسق (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا) منصوب بما في الرسول من معنى الإرسال أي: أرسلت في حال تصديقي وتبشيري (بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ