حين كونه بدرًا (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) الضمير للشمس، فإنها تنجلي تامًّا إذا انبسط النهار، أو للظلمة وإن كانت غير مذكورة للعلم بها (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) أي: الشمس، فإنها تغيب في الليل، وتحقيق عامل مثل هذا الظرف قد مر في سورة التكوير عند قوله:" والليل إذا عسعس "[التكوير: ١٧]، فلا تغتر بما يرى بادي الرأي (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) أي: ومن بناها، والعدول إلى (ما) على الوصفية، والبلوغ في الغاية للإبهام فإن (ما) أشد إبهامًا (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا): ومن بسطها (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا): من سوى خلقها، بتعديل الأعضاء، والقوى، ومنها المفكرة، أو خلقها مستقيمة على الفطرة القويمة، وفي صحيح مسلم:(إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم) وتنكير نفس للتكثير نحو: (علمت نفسٌ)(فَأَلْهَمَهَا): علمها، وبين لها (فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) وجاز أن يكون (الماءات) الثلاثة مصدرية، كما قال الفراء والزجاج، وقوله:" فألهمها " عطف على ما بعد ما كأنه قيل: ونفس وتسويتها فإلهامها فجورها، والمهلة فيها عرفية، ولا محذور (قدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا): من طهرها الله من الأخلاق الدنية، وتأنيث الضمير لأن (من) في معنى النفس، أو من طهر النفس، وإسناد الضمير إليه لقيامه به، والأول أرجح لما في الطبراني وغيره أنه عليه السلام إذا قرأ " فألهمها فجورها وتقواها " وقف ثم قال: (اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها)، وفي صحيح مسلم (إنه كان عليه السلام يدعوا بهذا الدعاء) وعن ابن عباس - رضي الله عنها -