والسلام (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ): تعديل لشكله، وتسوية لأعضائه، وتزيين بعقله، (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)، إلى النار في شر صورة، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، استثناء متصل، وهو كقوله:" والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا "[العصر: ١ - ٣]، لفظًا ومعنى، وعن ابن عباس، وبعض آخر: المراد من أسفل سافلين أرذل العمر، فيكون الاستثناء منقطعًا، أي: لكن المؤمنين العاملين، (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ): غير منقطع على طاعتهم، ويكتب لهم مثل ما كانوا يعملون في الشباب، وإن لم يعملوا في الهرم، (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ):. فأي شيء يحملك يا إنسان على هذا الكذب، ويجعلك كاذبًا بعد هذه الأقسام الأكيدة، أو الدليل الذي هو خلق البداءة في صورة حسنة، ومن قدر على هذا قدر على الإعادة، (بِالدِّينِ): بسبب الجزاء وإنكاره، يعني: أيُّ شيء يضطرك إلى أن تكون كاذبًا بسبب تكذيب الجزاء؟ فالاستفهام للتوبيخ، أو معناه، أيُّ شيء يكذبك يا محمد بعد ظهور هذه الدلائل بالجزاء والبعث؟ فالاستفهام لإنكار شيء يكذبه دلالة ونطقًا، (أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحَاكمِينَ): عدلاً وتدبيرًا لا ظلم ولا عجز له بوجه، فلا محال ويقدر على البعث والجزاء، ولابد منهما، والسنة إذا قرأ " أليس الله بأحكم الحاكمين " أن يقال: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين.