أتاهم بالقرآن، فبين ضلالتهم فدعاهم إلى الإيمان، فآمن بعضهم، (رَسُولٌ مِنَ اللهِ)، بدل من البينة، (يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً)، أي: ما في الصحف المطهرة، فإنه مكتوب في الملأ الأعلى في الصحف كما مر في سورة عبس، (فيهَا): في الصحف المطهرة، (كُتُبٌ قَيِّمَةٌ): مكتوبات، مستقيمة، لا خطأ فيها، (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)، أي: تفرقهم واختلافهم، بعدما أقام الله عليهم الحجج، فإنهم اختلفوا فيما أراده الله من كتبهم، قال تعالى:(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)[آل عمران: ١٠٥]، وفي الحديث:(اختلف اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة، هي ما أنا عليه وأصحابي)، أو معناه: لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد عليه السلام حتى بعثه الله، فلما بعث تفرقوا فآمن بعض، وكفر أكثرهم، (وَمَا أُمِرُوا)، أي: بما في الكتابين، (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، أي: إلا لأجل عبادة الله على هذه الصفة نحو (وَمَا أَرْسَلْنَا