ولا تفشوه لا إلى المسلمين ولا إلى المشركين يعني: إن علمكم بذلك حاصل، لكن لا تظهروه وأوثر في العطف كلمة " أو " ليفيد العموم مثل: " وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا "[الإنسان: ٢٤]، وقوله:" إن الهدى هدى الله " جملة معترضة دالة على أن كيدهم لا طائل تحته، وقيل: قد تم الكلام عند قوله: " إلا لمن تبع دينكم "، والمعنى على الوجهين الأولين الآتيين ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر، وهو إيمانكم وجه النهار إلا لمن تبع دينكم قبل ذلك ثم أسلم لعلهم يرجعون، فإن رجوعهم أرجى عندكم، وأشجى لحلوق المسلمين حينئذ، ففى موقع " أنْ " يؤتى ثلاثة أوجه:
الأول: أن يتعلق بفعل مضمر على حذف اللام أي وقل فعلتم ما فعلتم من الكيد لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يترتب من غلبتهم بالحجة يوم القيامة، أي: لم يكن لكم داع إلى هذا الكيد سوى الحسد، ووجه العدول عن الواو إلى حينئذ الإشارة إلى أن كلا من الأمرين مستقل بكونه سببًا للحسد.
الثاني: أن يكون الخبر إن الهدى وهدى الله بدل من الهدى وحين أو بمعنى إلى أن يعني حتى يحاجوكم فيدحضوا حجتكم.
الثالث: أن ينتصب بفعل مضمر تقديره قل. إن الهدى هدى الله ولا تنكروا أن يؤتى أحد أو يكون لأحد وسيلة غلبة عليكم عند الله، ويدل على هذا المضمر لا تؤمنوا إلا