السلف قالوا: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: " فاتقوا الله ما استطعتم "(التغابن: ١٦)، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: إنها لم تنسخ لكن حق تقاته أن يجاهد في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم، وأبنائهم، (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي لا تكونن على حال سوى الإسلام إذا أدرككم الموت فهو في الحقيقة أمر بدوام الإسلام، (وَاعْتَصِمُوا): واسمتمسكوا، (بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) أي: بدين الله أو بالجماعة أو بعهد الله أو بالقرآن، (وَلَا تَفَرَّقُوا) أمرهم أن يكونوا على الحق مجتمعين ثم نهاهم عن التفرقة كما افترق أهل الكتاب، (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ): التي من جملتها الإسلام والتألف، (إِذ كنتُمْ): أيها الأوس والخزرج (أَعْدَاءً): وقع بينكم القتال والخوف، (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) بالإسلام، (فَأَصْبَحتم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا): متحابين، (وَكنتُمْ): في الجاهلية (عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ): مشفين على الوقوع في جهنم لكفركم وشفا بمعنى الطرف، (فَأَنْقَذَكُمْ): أنجاكم (مِّنْهَا): بالإسلام، والضمير للشفا، أو للحفرة أو للنار، (كَذَلِكَ): مثل ذلك التبيين، (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إرادة ثباتكم على الهدى.
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ)، من للتبعيض؛ لأن الأمر بالمعروف من فروض الكفايات وللمتصدى له شروط قال الضحاك: هم الصحابة، والمجاهدون، والعلماء، والخطاب للجميع؛ لأنه لو تركوه أثموا جميعًا أو للتبيبن كما ورد (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (أُمَّةٌ): جماعة، (يَدْعُونَ): الناس، (إِلَى