مؤمنين أي: إن كان إيمانكم متحققًا فالنصرة متحققة، (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ): جراح وكسر يوم أحد، (فقَدْ مَسَّ القَوْمَ): المشركين، (قَرْحٌ مِثْلُهُ): يوم بدر، ولم يجبنوا فأنتم أحق ألا تهنوا، (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ) أي: أيام الدنيا أو أيام الغلبة، (نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ): نصرفها بينهم نديل لهؤلاء تارة، وتارة لهؤلاء، وهو خبر لتلك، والأيام صفتها، (وَلِيَعلمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا): علم رؤية ومشاهدة أي: ليتميزوا عن المنافقين، وهو عطف على علة محذوفة أي: نداولها ليكون كذا، وكذا، أو ليعلم الله إشارة إلى تعدد العلة أو تقديره: وليعلم الله الذين آمنوا فعلنا ذلك، (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ)، وليكرم قومًا بالشهادة في سبيله، (وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظالِمِينَ): يعني: غلبتهم لا لمحبتهم بل لما ذكرنا، (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي: ليطهرهم من الذنوب بما يقع عليهم من قتل وجرح، وجملة " والله لا يحب الظالمين " معترضة، (وَيَمْحَقَ الكَافرِينَ): يهلكهم فإنهم إذا ظفروا بغوا فهو سبب هلاكهم أو مغلوبية المؤمنين لتطهيرهم، ومغلوبية الكفار لإهلاكهم في الدارين، والمحق نقص الشيء قليلاَّ قَليلاً.
(أَمْ حَسِبتمْ): بل أحسبتم (أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا منكُمْ)(١) أي: لا تحصل الجنة لكم حتى يرى الله منكم المجاهدين، ويبتليكم بالشدائد أو معناه لا تحصل لكم والحال أنكم لما تجاهدوا كما يقال: ما علم الله في فلان خيرًا، أي: مما فيه خير، (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ): ويرى الصابرين على القتال، أو نصبه بإضمار أن، والواو بمعنى الجمع، (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) أي: الشهادة أو الحرب فإنها من أسباب الموت، (مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ): تشاهدوا وتعرفوا شدته، (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ
(١) لما كان علم الله بالشيء من لوازم تحققه جعل عدم العلم كناية عن عدم ذلك الشىء فصار معنى لم يعلم الله الجهاد لم يجاهد فلما بمعنى لم إلا أن فيه ضربًا من التوقع فدل على نفى الجهاد فيما مضى، وعلى توقعه فيما يستقبل.