باعتبار القرآن، (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ): النهي عن مجالستهم بوساوسه، (فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى) بعد أن تذكر، (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، معهم فإنهم ظلمة لوضع التكذيب، والسخرية موضع التصديق والتعظيم، (وَمَا عَلَى الّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْء): ما عليهم شيء مما يحاسبون عليه أي: من آثام الخائضين إن قعدوا معهم، (وَلَكًن ذِكرى) أي: لكن عليهم أن يذكروهم، ويمنعوهم، ويعظوهم، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون): يجتنبون الخوض كراهة لمساءتهم نقل أنه لما نزل النهي عن مجالستهم قال المسلمون: إذا لم نستطع أن نجلس في الحرم ونطوف فإنهم يخوضون أبدًا، فنزلت رخصة لهم في القعود بشرط التذكير، قال كثير من السلف: هذا منسوخ بآية النساء المدنية، وهي قوله " إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ "[النساء: ١٤٠]، وفي رواية قال المسلمون: نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم وحينئذ معنى قوله: " ولكن ذكرى " أي: ولكن عليكم التجنب وتذكر النهي لعلهم يتقون حين يروا إعراضكم عنهم، وصح عن سعيد ابن جبير: إن معناه ما عليكم أن يخوضوا في آيات الله شيء من حسابهم إذا تجنبتم، وأعرضتم عنهم أي: عليكم الإعراض، (وَذَرِ الذِينَ اتخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا) أي: استهزءوا بالدين الحق الذي يجب أن يعظم غاية التعظيم، أو معناه جعلوا اللعب كعبادة الأصنام وتحريم البحائر وغيرها دينا واجبًا أي: أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم، (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) حتى اطمأنوا بها، (وَذَكِّرْ بِهِ): بالقرآن، (أَنْ