بأعمالهم قيل من باب اللف والنشر أي لا تدركه الأبصار، لأنه لطيف لا كثافة فيه بوجه، وهو يدرك الأبصار؛ لأنه خبير، (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ): البصيرة للقلب كالبصر للجسد أي: جاءتكم بالوحي الآيات البينات، والحجج القرآنية التي هي للقلوب كالبصائر، (فَمَنْ أَبْصَرَ): يرى تلك الآيات وآمن بها، (فَلِنَفْسِهِ): أبصر، وله نفعه، (وَمَنْ عَمِيَ)، فلا يؤمن بها، (فَعَلَيْهَا): فعلى نفسه عمى، وعليها ضره، (وَمَا أَنَا عَلَيْكم بِحَفِيظٍ): أحفظ أعمالكم فأجازيكم إنما أنا منذر والله الحفيظ، وهذا وارد على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ): مثل ذلك التبيين نبينها ونكررها، (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ)، معلله محذوف أي: وليقولوا درست نصرفها، والدرس القراءة، والتعلم أي: ليقول المشركون درست، وتعلمت من اليهود، ثم تزعم أنه من عند الله عليك يعني لشقاوة بعض كما قال تعالى:" يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا "[البقرة: ٢٦]، فيكون اللام على أصله أو اللام لام العاقبة، وقرئ (دارست) أي: دارست أهل الكتاب وقارءتهم، وقرئ (دَرَسَتْ) أي: قدمت هذه الآيات وعفت كقولهم أساطير الأولين، (وَلِنُبَيِّنَهُ)، الضمير للقرآن أو الآيات باعتبار أنها قرآن أي: كررناه لنبينه، (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي: لهداية المؤمنين، وحاصله تصريف الآيات لشقاوة بعض وسعادة بعض آخر، (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ): بالعمل به، (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) حال مؤكدة (مِنْ رَبِّكَ) أي: منفرداً بالألوهية، (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ: لا تجادلهم، واحتمل أذاهم حتى ينصرك الله فإن لله حكمة في