مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) فتبرءوا عن المشركين وتوجهوا إلى الله تعالى بالكلية، (لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ)، أي: في وقت العسرة، يعني غزوة تبوك، فإنها في وقت شدة وحر وقلة زاد وماء ومركوب، (مِن بَعْدِ مَا كَادَ) اسم ما كاد ضمير الشأن، (يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيق مِّنْهُمْ)، تميل عن الحق، فإن كثيرًا منهم هموا بالتخلف ثم عصمهم الله تعالى فلحقوا أو لما نالوا شدائدها من الجوع وغاية العطش والحر كادوا يشكون في دين الإسلام وأما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى:" لقد تاب الله على النبي " معهم فلأنه أذن للمنافقين في التخلف قبل إذن الله تعالى وقال بعض افتتح به الكلام لأنه كان صلى الله عليه وسلم سبب توبتهم فذكره معهم، (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) تكرير للتأكيد، فإنه لما ذكر ذنبهم أعاد ذكر توبتهم، (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
(وَعَلَى الثَّلَاثَةِ) عطف على النبي، (الَّذِينَ خُلِّفُوا) أي: خلف الله تعالى أمرهم عمن ربط نفسه بالسواري وعمن اعتذر بالأكاذيب وقيل: خلفوا عن الغزو، (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ)، أي: برحبها ووسعتها وهو مثل لشدة الحيرة فإنهم مهجورون بالكلية في المعاملة والمجالسة والمكالمة، (وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ) قلوبهم من كثرة الهم، (وَظَنُّوا) علموا، (أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ) من