يكرهون استقبال السماء بفروجهم حال وقاعهم فنزلت، أو كان إذا مر أحدهم برسول الله ثنى عنه صدره وأعرض عنه وغطى رأسه فنزلت، أو نزلت حين يقولون إذا رخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد كيف يعلم، أو نزلت في الأخنس بن شريق كان يظهر المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وله منطق حلو وكان يعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجالسته ومحادثته وهو يضمر عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إما بمعنى الصرف من ثنيت عناني أو بمعنى الإخفاء أو بمعنى الانحناء، (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) من الله وعلى ما نقلنا في الوجه الثاني من سبب النزول الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، (أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ) يغطون رءوسهم بثيابهم، (يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) يستوي في علم الله تعالى سرهم وعلنهم فكيف يمكن لهم أن يخفوا من الله تعالى شيئًا، (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) بما في قلوبهم.
(وَمَا مِن دَابَّة فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا) أي: هو المتكفل بذلك فضلاً إن لم يرزقها فلا يمكن أن يرزقها أحد غير الله تعالى، (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)، أماكنها في الحياة والممات أو أرحام الأمهات وأصلاب الآباء والمستقر الجنة أو النار والمستودع القبر، (كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) مثبت في اللوح المحفوظ، (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) كأيام الدنيا أو كل يوم كألف سنة، (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) والماء على متن الريح وروي الترمذي وابن ماجه " أن الله كان في عماء (١) ما تحته
(١) قال أحمد: يريد بالعماء أنه ليس معه شيء، وقال البيهقى: إن كان العماء ممدود فمعناه سحاب رقيق والمعنى فوق سحاب مدبرًا له وعاليًا له، وإن كان مقصورًا فمعناه لا شىء ثابت؛ لأنه عمى عن الخلق لكونه غير شيء ونحوه قال جمع من أهل العلم، قال الأزهرى: فنحن نؤمن به ولا نكيف صفته/ ١٢ فتح ملخصًا.