منه، لا في جميع أجزائه. على أن هذا لا ينفي عندهم أن مثل هذا الإخبار من أسرار الاعجاز في الآيات التي تحدثت به.
٥ - ومن الأقوال في أسرار الإعجاز أيضا أنه راجع إلى إخبار القرآن الكريم عن أسرار الضمائر، وكشف ما خفي عنها، ومن أمثلة ذلك كشفه عن ضمائر المنافقين، وهو قول ضعيف يقصر الإعجاز على قسم صغير من القرآن الكريم.
٦ - هناك رأي آخر أختاره السكّاكي في كتابه مفتاح العلوم، يذهب إلى أن الإعجاز شيء لا يمكن التعبير عنه. إنه شيء يدرك ولا يمكن وصفه، يقول:
«مدرك الإعجاز عندي هو الذوق ليس إلا». وعنده أنه يدرك كما يدرك طيب النغم، ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرن فيهما.
ويشير كلام السكّاكي هذا الى موضوع كان له خطره في تاريخ الدراسات العربية، وهو ارتباط علوم البلاغة بدراسة الإعجاز في القرآن.
لقد كان هذا الارتباط وثيقا، وقد ساعدت دراسة الإعجاز على تطوير البلاغة العربية، وتوسيع مجال بحثها، وأغنتها بدراسات كثيرة.
٧ - القائلون بأن الإعجاز راجع إلى فصاحة القرآن أو بلاغته كثيرون.
وهناك كتابات متعددة تعبر عن هذا المعنى. فحازم القرطاجني يذهب في كتابه «منهاج البلغاء» إلى أن الإعجاز راجع إلى استمرار الفصاحة والبلاغة فيه استمرارا لا ينقطع، وبصورة لا يقدر عليها أحد من البشر. فكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في العالي فيه إلا في الشيء اليسير المعدود، ثم تعرض الفترات الإنسانية فتقطع طيب الكلام ورونقه، فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه، بل توجد تفاريق وأجزاء منه. والفترات في الفصاحة تقع للفصيح، إما بسهو يعرض له في الشيء من غير أن يكون جاهلا به، أو من جهل به، أو من سآمة تعتري فكره ... وهكذا.