للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين القول ولا يتتبع حوشيّ الكلام «فقرن تتبع الحوشيّ وهو الغريب إلى المعاظلة التي هي التعقيد.

نظرية النظم تعني أن القرآن معجز بتأليفه، وبكل ما انطوى عليه هذا التأليف. وهي نظرة شاملة لا تبحث عن الإعجاز في جوانب تفصيلية، كالمفردات اللغوية، أو الأوزان، أو الحركات، أو الاستعارات، وإنما تبحث عنه في التأليف الجامع وما انطوى عليه.

لكن هذه النظرة الشاملة التي تجلت عند عبد القاهر لم تنتشر بعد عصره، بل قامت دراسات تبحث عن أسرار الإعجاز في موضوعات تفصيلية نجد من أمثلتها ما تضمنه كتاب البرهان للزركشي من أبحاث في أساليب القرآن وفنونه البليغة، وأقسام التأكيد، والصفة، والبدل، وعطف البيان، وذكر الخاص بعد العام، وذكر العام بعد الخاص، وعطف أحد المترادفين على الآخر، والإيضاح بعد الإبهام، إلى غير ذلك من أبحاث تفصيلية تعد بالمئات. والجدير بالذكر أن دراسة الإعجاز على هذه الصورة كان لها أعمق الأثر في تطوير الدراسات البلاغية.

٩ - ظهر عند بعض المتأخرين ميل إلى أن إعجاز القرآن يرجع الى كل الوجوه التي سبق لنا بيانها. فجميع الآراء التي ذكرناها من فصاحة وبلاغة، وإنباء بالغيب، وإخبار عن الأمم السالفة، وما تضمنه القرآن من الشرائع والأحكام، كل أولئك من أسرار إعجازه.

وممن ذهب إلى ذلك من المعاصرين الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه «مصادر الفقه الاسلامي» حيث عزا الإعجاز إلى بلاغة القرآن، وإخباره بأحوال القرون السابقة، وما جاء فيه من إخبار عن أمور مستقبلة وقعت كما أخبر الله سبحانه، ثم ما اشتمل عليه القرآن من حقائق ما كان يمكن أن تكون لأمي لا يقرأ ولا يكتب، وكذلك ما تضمنه كتاب الله من أحكام هي الشريعة القرآنية (١).


(١) انظر: مصادر الفقه الإسلامي، ص ١٦ - ٢٥.

<<  <   >  >>