للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن، وذلك إقامة إعرابه، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون سواها، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم، وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو:

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (البقرة: ١١، ١٢).

لم يجهل أن معنى الإفساد ما ينبغي تركه مما هو مضرة، وأن الإصلاح ما ينبغي فعله مما هو فعله منفعة، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا. فالذي يعلمه ذو اللسان- الذي بلسانه نزل القرآن- من تأويل القرآن هو ما وصفت: من معرفة أعيان المسميات بأسمائها اللازمة، غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة. (١)

يلاحظ أن الطبري هنا يستخدم كلمة «التأويل» بمعنى التفسير.

وشبيه بما قاله الطبري هذا ما روي عن ابن عباس من قوله:

«التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله». (٢)

فالتفسير الذي لا يعذر أحد بجهالته هو معرفة الأحكام من واجبات ومحرمات.

وأما التفسير الذي يعلمه العلماء فهو تفسير الآيات المتشابهات، في حين أن التفسير الذي لا يعلمه إلا الله فهو ما كان مرتبطا بأمور مضمرة في الغيب، لا سبيل إلى معرفتها.


(١) الطبرى، تفسير، ج ١، ص ٧٤، ٧٥.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>