للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء، وقالوا عنه إنه غالبا يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة ورفع المشقة (١).

ويعرف الناسخ من نصين ينقض أحدهما الآخر، ويعلم أن أحدهما متأخر، وذلك بنص منقول عن الرسول، أو بإجماع الأمة.

يقول الشيخ محمد الخضري: «إذا ورد في الشريعة نصان متناقضان فلا بد أن يكون أحدهما منسوخا، إذ لا تناقض في الشريعة، والمنسوخ إنما هو المتقدم، ولا يعرف تقدم أحدهما وتأخر الثاني إلا بالنقل، وذلك إما أن يدل عليه لفظ الرسول نحو: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها»، أو بإجماع الأمة على أن أحدهما متأخر ناسخ لأن الأمة معصومة من الخطأ، أو بأن يصرح الراوي بتاريخ الناسخ، كأن يقول: «سمعت عام الخندق كذا، وكان النص الآخر معلوما قبل ذلك (٢)».

وهناك أحوال يجب التحري قبل قبولها. فإذا قال صحابي: «كان الحكم كذا ثم نسخ» فلا يعتبر قوله هذا حجة إن لم ينص على سماع وتاريخ. ذلك لأن الصحابي قد يقول ذلك عن اجتهاد.

كذلك يجب أن ننتبه إلى أن ترتيب السور والآيات في المصحف ليس مطابقا لتاريخ النزول. فقد يوجد النص الناسخ في المصحف سابقا على النص المنسوخ.

ولما كانت الآيات غير مرتبة ترتيبا تاريخيا فتقدم الناسخ على المنسوخ في المصحف لا يدل على تقدم تاريخي. فالعبرة في تعيين الناسخ والمنسوخ ليس في تقدم نص المنسوخ على الناسخ في المصحف، بل في تقدمه عليه في تاريخ النزول.

وقد اختلف حول جواز نسخ السنة للقرآن، أو القرآن للسنة، فذهب الإمام الشافعي إلى أن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن والسنة لا تنسخ إلا بسنة. ومن الفقهاء من رأى جواز نسخ السنة للقرآن، لأن القرآن والسنة متكاملان في النص على أحكام الشريعة.


(١) المصدر السابق، ص ٣٩.
(٢) أصول الفقه، الطبعة الرابعة، ص ٢٩٨.

<<  <   >  >>