للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواقع أننا لو تأملنا هذا الامر لم نجد تناقضا بين أحكام القرآن وأحكام السنة النبوية. فالواقع أن السنة النبوية تشتمل على كثير من التفصيلات لأحكام مجملة وردت في القرآن الكريم. فالصلاة مثلا وهي ركن من أركان الدين ورد النص على وجوب أدائها في القرآن الكريم، أما كيفية أدائها فذلك مما لا يعرف إلا من السنة النبوية.

يقول الشيخ محمد أبو زهرة في هذا الشأن: «إن السنة هي المصدر الثاني للفقه الإسلامي. وهي مع هذا الاعتبار تالية للكتاب وتابعة له. فهي تبينه وتزيد أحكاما متصلة به ولذلك نقول إن الأحكام التي أتت بها السنة لها اتجاهات أربعة:

أولها: أن تكون بيانا للقرآن الكريم.

ثانيها: أنها تأتي بأحكام تثبت في القرآن بالنص، وزاد النبي صلى الله عليه وسلم في مواضعها أحكاما بوحي من الله تترتب عليها أو متصلة بها.

ثالثها: أن تأتي السنة بحكم ليس في القرآن نص عليه، وليس هو زيادة على نص قرآني.

رابعها: وهو ما ذكره الشافعي وهو الاستدلال بالسنة على الناسخ والمنسوخ من الأحكام القرآنية» (١).

ولقد بالغ بعض من تصدوا لدراسة الناسخ والمنسوخ فعدّوا أية زيادة للبيان أو التقييد تجيء في إحدى الآيات ناسخة للآية التي ورد فيها الحكم بلفظ الإطلاق أو العموم. ورفض الأصوليون الأخذ بهذا وعدوا بيان العموم أو تقييد المطلق من قبيل التفصيلات التي توضح الحكم وليست من قبيل النسخ. وتروى أمثلة كثيرة عن مغالاة بعض العلماء في الأخذ بفكرة النسخ. يقول الزركشي: «ومن ظريف ما حكي في كتاب هبة الله أنه قال في قوله تعالى:

وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (سورة الانسان: ٨)


(١) محاضرات في مصادر الفقه الاسلامي، ص ١٤٣.

<<  <   >  >>