ومثل هذين الرأيين يمثلان موقفين متناقضين لفريقين من علماء المسلمين.
ففي القرآن آيات تتناول صفات الله، وتتحدث عن أمور غيبية لا يمكن الوصول في فهمها إلى رأي قاطع. وقد توقف بعض السلف عن الخوض في مثل هذه الآيات، ومحاولة تأويلها، معتبرين ذلك من البدع. فلم يحاولوا فهم استواء الله على العرش، في حين أن المعتزلة وغيرهم حاولوا فهم معاني القرآن، ولم يتوقفوا عند المتشابه، بل أولوه.
نقل الامتناع من التأويل عن بعض الصحابة وعلماء السلف، فأم سلمة تحدثت عن الاستواء في قوله تعالى:
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى.
فقالت: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب «وكذلك سئل الإمام مالك في هذا الأمر فأجاب بما أجابت به أم سلمة. وكذلك سئل سفيان الثوري فقال: أفهم من قوله:
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (طه: ٥) ما أفهم من قوله:
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ.
(فصلت: ١١) وسئل الأوزاعي عن تفسير الآية فقال: الرحمن على العرش استوى، كما قال، وإني لأراك ضالا (١).