للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: «وعلى هذه الطريقة مضى صدر الأمة وسادتها، وإياها اختار أئمة الفقهاء وقادتها، وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه (١)».

وقد ألف الغزالي كتابا بعنوان «إلجام العوام عن علم الكلام» حث فيه على مذاهب السلف ومن تبعهم، إلا أن الغزالي لا يمنع العالم المحقق من البحث في كل ما يحتاج إلى التأويل. يقول: «فالصواب للخلق كلهم إلا الشاذ النادر الذي لا تسمح الأعصار إلا بواحد منهم أو اثنين سلوك مسلك السلف في الإيمان بالرسل والتصديق المجمل بكل ما أنزله الله تعالى وأخبر به رسوله من غير بحث وتفتيش عن لأدلة (٢)».

أما المعتزلة ومتكلمو السنة وهم الأشعرية فاختاروا التأويل.

وهؤلاء أيضا يستندون إلى بعض السلف فقد نقل التأويل عن علي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم (٣).

ورأي القائلين بوجوب التأويل، وأن الراسخين في العلم قادرون على الفهم راجع إلى مذهب هؤلاء في إعظام شأن العقل، إلى حد أنهم جعلوا كل حسن وقبيح من المدركات العقلية، وأن الشرائع جاءت مطابقة لما اهتدت إليه العقول، داعية إلى ما استحسنته، ناهية عما استقبحته- فمذهب المعتزلة والأشعرية متأثر بالمذاهب الفلسفية، لا يقبل التوقف عند النص، من غير محاولة لإدراك معناه.

فهم يقولون في تأويل قوله تعالى:

تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ (المائدة: ١١٦)


(١) المصدر السابق.
(٢) الرسالة الوعظية (ص ١٥٥ من كتاب الجواهر الغوالي من رسائل الغزالي).
القاهرة، ١٩٣٤.
(٣) الزركشي، ج ٢، ص ٧٩.

<<  <   >  >>