للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يكون في الزمان رجلٌ هو أفضل أهل الأرض، كما قد يكون رجلان وثلاثة وأربعة، ولكن ليس في الوجود رجلٌ هو أفضل أهل الأرضِ، وفيه ما يَقتضي أنه بوجودِه يَحصُلُ للناسِ الرزقُ، ويَنتَصِرونَ على الأعداء، وتهتدي قلوبهم مع كونهم مُعرِضين عن طاعة الله ورسوله، بل كان نوح أفضلَ أهل الأرضِ، وقد مَكثَ في قومِه ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، وقد قال نوح: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} (١)، ثم إن الله أغرق أهل الأرض إلا من آمن به، وكذلك غيره من الرُّسل كهود وصالح وشعيب ولوط وغيرهم، نعم قد يحصل بدعائه وعبادته من الخير ويندفع من الشر ما لا يحصل بدون ذلك كما في قوله: «بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم».

وقال تعالى لنبيه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٢).

وقال تعالى: " {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٣) يقول: لولا أن تطأوا أولئك المؤمنين والمؤمنات الذين لم تعلموهم إذا دخلتم مكة بالسيف، لسلَّطكم على أهل مكة، ولو تميَّز المؤمنون من الكفار لعذَّبنا الكفار عذابًا أليمًا، فهذا ونحوه مما يوافق دين المسلمين" (٤).


(١) سورة نوح: ٥ - ٦.
(٢) سورة الأنفال: ٣٣.
(٣) سورة الفتح: ٢٥.
(٤) جامع المسائل ٢/ ٧٢ - ٧٣.

<<  <   >  >>