للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا من تأويل قوله تعالى: " {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (١)، وقد يكون بعض الناس سببًا لشرٍّ يندفع في بعض الأمور فيقال: فلانٌ يستغيث بفلان، كما قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} (٢)

هذا كلفظ النصر والرزق والهدى، فالله الهادي النصير الرزاق وليس هذا النعت على الإطلاق لأحد إلا الله وحده، لا ملكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسل، لكن من الخلق من يكون سببًا في رزق أو هدىً أو نصر يحصل لغيره وهو في ذلك سبب لا يستقل بالحكم، بل لا بدَّ معه من أسباب أُخر، ولا بدَّ من موانع يدفعها الله وإلَاّ لم يحصل المطلوب ... وأمَّا لفظ القطب فما دار عليه أمرٌ من الأمور قيل: إنه قطبه، كقطب الرَّحا وقطب الفلك، فمن كانت له مرتبة من إمارة أو علم أو دين فهو قطب تلك الأمور التي دارت عليه، فالملك قطب الملك، والوالي قطب الولاية ونحو ذلك، وقطب الدين الذي يؤخذ عنه ولا يزاحمه أحد هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن الصالحين من يُجرى الله - عز وجل - على يديه من الخير ما يكون قطب أمته، وأمَّا أن يكون للوجود قُطب يدور عليه به ينزل المطر مطلقًا، وبه يحصل الهدى مطلقًا، وبه يحصل النصر مطلقًا، فهذا لا يكون لمخلوق ألبته، ولكن قد يكون من المخلوقين من يحصل به ما يحصل من نصر ورزق وهدى كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم، بدعائهم وإخلاصهم وصلاتهم» (٣) ".


(١) سورة الشعراء: ٢١٤.
(٢) سورة القصص: ١٥ ..
(٣) جامع المسائل ١/ ٧٧ - ٧٩.
والحديث أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، بدون قوله: «بدعائهم وإخلاصهم وصلاتهم»، ٤/ ٤٤، رقم ٢٨٩٦، والنسائي في سننه ح ٣١٨٠، بلفظ: «إنما ينصر هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»، وصحَّح الألباني لفظ النسائي في السلسلة الصحيحة ٢/ ٢٧٨.

<<  <   >  >>