للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فإنه إن سلك طريق الجوع والرياضة المفرطة خاطر بقلبه ومزاجه ودينه وربما زال عقله ومرض جسمه وذهب دينه، وإن سلك طريق الوله والاختلاط بترك الشهوات ليتصل بالأرواح الجنية ... فقد أزال عقله وأذهب ماله ومعيشته وأشقى نفسه شقاءً لا مزيد عليه، وعرَّض نفسه لعذاب الله في الآخرة لما تركه من الواجبات وما فعله من المحرَّمات" (١).

والشيطان يتسلَّط على الإنسان إن لم يدفعه بالعلم والتقوى، فيوهمه بخرق العادات وأنها من الله - عز وجل - وقد أوضح ذلك ابن تيمية فقال: "وهؤلاء العُبَّاد والزُّهَّاد الذين ليسوا من أولياء الله المتقين المتبعين للكتاب والسُّنَّة تقترن بهم الشياطين فيكون لأحدهم من الخوارق ما يناسب حاله، لكن خوارق هؤلاء يعارض بعضُها بعضًا، وإذا حصل من له تمكُّن من أولياء الله تعالى أبطلها عليهم، ولا بدَّ أن يكون في أحدهم من الكذب جهلًا أو عمدًا, ومن الإثم ما يناسب حال الشياطين" (٢).

أمَّا تفسيره لسورة العصر فهو تفسير إشاري لأهل الباطن، وهو مخالف لما عليه المفسرون قال الشيخ السعدي - رحمه الله - (٣) في تفسيره لهذه السورة: "أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم أنَّ كل إنسان خاسر، والخاسر ضد الرابح، والخسار مراتب متعددة متفاوتة: قد يكون خسارًا مطلقًا، كحال من


(١) مجموع الفتاوى ١١/ ٣٣٠.
(٢) المرجع نفسه ١١/ ٢٩٥.
(٣) عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي من النواصر من بني عمرو أحد البطون الكبار من قبيلة بني تميم، ولد في محرَّم عام ١٣٠٧ هـ في بلدة عنيزة، أخذ العلم عن عدة مشايخ منهم: محمد العبد الكريم الشبل، وإبراهيم بن حمد الجاسر، ومحمد أمين الشنقيطي، ومن تلاميذه: الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل، له تصانيف عدة منها: القول السديد في شرح كتاب التوحيد، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان، وكانت وفاته ليلة الخميس عام ١٣٧٦ هـ وعمره ٦٩ عامًا. ينظر: مشاهير علماء نجد ص ٢٥٦.

<<  <   >  >>