للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العارفين، الذين تنوَّرت عقولهم، وانصقلت مرآة قلوبهم، فتجلَّى فيها ما كان حقًّا، وزهق منها ما كان باطلًا، فكانت طريقتهم مبنيَّةً على التحقيق" (١)، وقال أيضًا: "إذا وقع الاختلاف في الأحكام الظاهرة رُجع فيه إلى الكتاب العزيز، أو السُّنَّة المحمدية، أو الإجماع، أو القياس، وإن وقع الاختلاف في الأمور القلبية وهي: ما يتعلَّق بالعقائد التوحيدية من طريق الذوق أو العلوم يُرجع فيه إلى أرباب القلوب الصافية، فإنه لا يتجلَّى فيها إلا ما هو حقٌّ وصواب" (٢).

وما ذكره ابن عجيبة هو نوع تلبيس وتدليس؛ فمدار الأعمال على أصلين: الإخلاص وهو عملٌ قلبي، وقد جعله ابن عجيبة تابعًا لأذواق أرباب القلوب الصافية كما يزعم، والأصل الآخر: المتابعة، وجعل لها ظاهرًا وباطنًا فليس العبرة بفعل الظاهر كما يزعم.

"فالكشفُ الصحيحُ أن يَعرفَ الحقَّ الذي بعث اللهُ به رسلَه، وأنزلَ به كتبَه، معاينةً لقلبه، ويُجرِّد إرادةَ القلبِ له، فيدورُ معه وجودًا وعدمًا، هذا هو التحقيق الصحيح، وما خالفه فغرورٌ قبيح" (٣).


(١) إيقاظ الهمم، ص ٣٤٤.
(٢) البحر المديد ٤/ ٢١٧.
(٣) ينظر: مدارج السالكين ٣/ ٢٣٦.

<<  <   >  >>