للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معرضًا عن الحدود الموضوعة في الشريعة وهو خطأ؛ لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعًا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية فإن سوَّغتها عمل بمقتضاها وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة وأمَّا استفادة الأحكام فلا" (١).

وقال أيضًا: "نعم يأتي المرئي تأنيسًا وبشارة ونذارة خاصة، بحيث لا يقطعون بمقتضاها حكمًا، ولا يبنون عليها أصلًا وهو الاعتدال في أخذها حسبما فهم من الشرع فيها، والله أعلم" (٢).

ومعلوم أنَّ الرؤيا منها ما هو رحماني، ومنها ما هو شيطاني، ومنها ما هو نفساني، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الرؤيا ثلاثة: رؤيا من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة، فيراه في المنام» (٣)، قال البغوي: "قوله: (الرؤيا ثلاثة) فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا، ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله - عز وجل - يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها.

وهي على أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان، أو يريه ما يحزنه، وله مكايد يحزن بها بني آدم، كما قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٤).


(١) الاعتصام ١/ ٣٥٧.
(٢) الاعتصام ١/ ٣٥٧.
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب الرؤيا، باب أنَّ رؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، ٤/ ٥٣٢، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب التعبير، باب إذا رأى ما يكره ٤/ ٣٩٠، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والحديث صحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة ٣/ ٣٢٨ - ٣٣٠.
(٤) سورة المجادلة: ١٠.

<<  <   >  >>