للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل، فلا يكون له تأويل، وقد يكون ذلك من حديث النفس، كمن يكون في أمر، أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك ... فلا تأويل لشيءٍ منها" (١).

وقال ابن القيم: "والذي هو من أسباب الهداية: هو الرؤيا التي من الله - عز وجل - خاصَّة، ورؤيا الأنبياء وحي، فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأُمَّة، ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل - عليهما السلام - بالرؤيا، وأما رؤيا غيرهم فتعرض على الوحي الصريح، فإن وافقته وإلا لم يعمل بها، فإن قيل: فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة، أو تواطأت؟.

قلنا: متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي، بل لا تكون إلا مطابقة له، منبهة عليه، أو منبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه، لم يعرف الرائي اندراجها فيه، فيتنبه بالرؤيا على ذلك، ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق وأكل الحلال، والمحافظة على الأمر والنهي، ولينم على طهارة كاملة مستقبل القبلة، ويذكر الله - عز وجل - حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة" (٢).

والنائم ليس في حالة ضبط للرواية؛ لعدم حفظه، لهذا لا يجوز إثبات حكم شرعي بما جاء به، قال النووي أثناء شرحه لحديث «من رآني في المنام فقد رآني»: "إن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة وليست من أضغاث الأحلام وتلبيس الشيطان، ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به؛ لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي، وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن


(١) شرح السُّنَّة ١٢/ ٢١١.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٧٥.

<<  <   >  >>