للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون متيقظًا لا مغفَّلًا ولا سيء الحفظ، ولا كثير الخطأ، ولا مختل الضبط، والنائم ليس بهذه الصفة فلم تُقبل روايته لاختلال ضبطه.

هذا كلُّه في منامٍ يتعلَّق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة، أمَّا إذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره بفعل ما هو مندوب إليه، أو ينهاه عن منهي عنه، أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه؛ لأن ذلك ليس حكمًا بمجرَّد المنام بل تقرر من أصل ذلك الشيء، والله أعلم" (١).

والنائم ليس من أهل التكليف، ولا من أهل التحمُّل للرواية؛ لعدم حفظه، فلا يعمل بشيءٍ رآه في منامه (٢).

ولم يمت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وأكمل لنا الدين، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣).

ولم يثبت دليل من الوحيين على أن رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته حجة يثبت بها حكم شرعي بل إن "الرؤيا التي يخبر فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحكم فلا بدَّ من النظر فيها أيضًا؛ لأنه إذا أخبر بحكم موافق لشريعته، فالحكم استقر، وإن أخبر بمخالف، فمحال؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا ينسخ بعد موته شريعته المستقرة في حياته؛ لأن الدين لا يتوقف استقراره بعد موته على حصول المرائي النومية؛ لأن ذلك باطلٌ بالإجماع، فمن رأى شيئًا من ذلك فلا عمل عليه، وعن ذلك نقول: إن رؤياه غير صحيحه، إذ لو رآه حقًّا لم يخبره بما يخالف الشرع" (٤).


(١) شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١١٥.
(٢) ينظر: المدخل، لابن الحاج ٤/ ٢٨٦، إرشاد الفحول، ص ٢٤٢.
(٣) سورة المائدة: ٣.
(٤) الاعتصام ١/ ١٦٢.

<<  <   >  >>