للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (١).

وقال أيضًا أثناء بيانه لإزالة إشكال من استشكل فهمه لهذه الآية: "أي الله كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين فلو كانت كفايته للمؤمنين المتبعين للرسول - صلى الله عليه وسلم - سواء اتبعوه أو لم يتبعوه لم يكن للإيمان واتباع الرسول ثمة أثر في هذه الكفاية، ولا كان لتخصصهم بذلك معنى وكان هذا نظير أن يقال هو: خالقك وخالق من اتبعك من المؤمنين ومعلوم أنَّ المراد خلاف ذلك، وإذا كان الحسب معنى يختص به بعض الناس علم أنَّ قول المتوكِّل حسبي الله وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (٢) أمرٌ مختصٌّ لا مشترك وأنَّ التوكل سبب ذلك الاختصاص والله تعالى إذا وعد على العمل بوعد أو خص أهله بكرامة فلا بدَّ أن يكون بين وجود ذلك العمل وعدمه فرق في حصول تلك الكرامة، وإن كان قد يحصل نظيرها بسبب آخر، فقد يكفي الله بعض من لم يتوكل عليه كالأطفال لكن لا بدَّ أن يكون للمتوكل أثر في حصول الكفاية الحاصلة للمتوكلين فلا يكون ما يحصل من الكفاية بالتوكل حاصلًا مطلقًا وإن عدم التوكل، وقد قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٣) فمعقب هذا الجزاء والحكم لذلك الوصف والعمل بحرف الفاء وهي تفيد السبب فدلَّ ذلك على أنَّ ذلك التوكل هو سبب هذا الانقلاب بنعمة من الله - عز وجل - وفضل، وأن هذا الجزاء جزاء على ذلك العمل" (٤).


(١) سورة الأنفال: ٦٥.
(٢) سورة الطلاق: ٣.
(٣) سورة آل عمران: ١٧٣.
(٤) جامع المسائل، ص ٨٨.

<<  <   >  >>