للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختيارية، وإنما لم يكفروا بذلك لاعترافهم بأنَّ أقدارهم عليها من الله تعالى، وأما الكم المتصل في الأفعال فإن صورناه بتعدد الأفعال فهو ثابت لا يصح نفيه؛ لأن أفعاله كثيرة من خلق، ورزق، وإحياء، وإماتة إلى غير ذلك، وإن صورناه بمشاركة غير الله في فعل من الأفعال فهو منفيٌّ بوحدانية الأفعال" (١).

٦ - قول ابن عجيبة كل ما يدل على التوحيد من الألفاظ يكفي في الدخول في الإسلام مخالف للنصوص الشرعية التي أبانت كيفية الدخول في الإسلام، فلقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه - لما بعثه إلى اليمن: «إنَّك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحِّدوا الله» (٢)، فهذا تصريحٌ بلفظ التوحيد في قوله: "أن يوحِّدوا" فأين ابن عجيبة من هذا؟.

وأجمع السلف على أنَّ أول أمر يؤمر به العبد أن يوحد الله - عز وجل - وينطق بالشهادتين قال ابن تيمية: "إنَّ السلف والأئمة متفقون على أنَّ أول ما يؤمر به العباد الشهادتان، ومتفقون على أنَّ من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عند البلوغ" (٣).

وقال أبوسعيد الدارمي (٤): "وتفسير التوحيد عند الأُمَّة وصوابه: "قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له" (٥).


(١) شرح الجوهرة، ص ٥٩ - ٦٠.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام ١/ ٥٥، رقم ١٩، ورواه أبو داود، كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة، رقم ١٥٨٤.
(٣) درء تعارض العقل والنقل ٨/ ١١ - ١٢.
(٤) هو: عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي السجستاني، محدِّث هراة، ولد سنة ٢٠٠ هـ، وأخذ الحديث عن ابن حنبل، وابن المديني، وإسحاق بن راهويه، وابن معين، له مصنفات منها: الرَّد على بشر المرِّيسي، والرَّد على الجهمية، وكانت وفاته سنة ٢٨٠ هـ. ينظر: تذكرة الحفاظ ٢/ ٦٢١.
(٥) نقض الدارمي على بشر المريسي ١/ ١٥٢.

<<  <   >  >>