للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول الحق: قول أهل السُّنَّة والجماعة في تقسيم التوحيد وفق فهم سلف الأُمَّة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والتوحيد الذي جاءت به الرُّسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية، وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له وهو متضمِّنٌ لشيئين: أحدهما التوحيد العلمي: وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيءٍ من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحدٌ في شيءٍ من الكمال ... والتوحيد العملي الإرادي: أن لا يعبد الا إياه فلا يدعو إلا إيَّاه، ولا يتوكَّل إلا عليه ولا يخاف إلا إيَّاه ولا يرجو إلا إياه، ويكون الدين كله لله وهذا التوحيد يتضمَّن أنَّ الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا شريك له في الملك" (١).

وهذا التقسيم أيضًا ذكره ابن القيم قال: "التوحيد نوعان: نوع في العلم والاعتقاد، ونوع في الإرادة والقصد، ويُسمَّى الأول: التوحيد العلمي، والثاني: التوحيد القصدي الإرادي، لتعلُّق الأول بالأخبار والمعرفة، والثاني بالقصد والإرادة" (٢).

وعرَّف هذين النوعين بقوله: "والتوحيد العلمي أساسه إثبات صفات الكمال للرب تعالى ومباينته لخلقه، وتنزيهه عن العيوب والنقائص والتمثيل، والتوحيد العملي أساسه تجريد القصد بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكُّل، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والعبودية بالقلب، واللسان، والجوارح لله وحده فمدار ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه على هذين التوحيدين وأقرب الخلق إلى الله أقومهم بهما علمًا وعملًا" (٣).


(١) الصفدية ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩، وينظر: تلبيس الجهمية ١/ ٤٧٩.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٧٥.
(٣) الصواعق المرسلة على الجهمية المعطلة ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٣.

<<  <   >  >>