للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: "فمن أراد أن يمدَّه الله في باطنه بكمالات الربوبية من قوَّةٍ، وعلمٍ، وغنىً، وعزٍّ، ونصرٍ، وملك، فليتحقق في ظاهره بنقائص العبودية، من ذلٍّ، وفقرٍ، وضعفٍ وعجزٍ، وجهل" (١).

٤ - ليس هناك خالق ولا مخلوق، ومن قال غير هذا فهو مشرك في الربوبية -بزعم- ابن عجيبة، يظهر ذلك من خلال شرحه لقول ابن مشيش (٢): "وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها"، وقال: "وأهل التحقيق لم يثبتوا مع الحقِّ سواه، ورأوا الكلَّ منه وإليه فالكلُّ دون الله، إنَّ حقيقته عدم على التفصيل والإجمال" (٣).

وقال أيضًا: "ومن أوحال التوحيد فانشلني إنها ... عقائد أهل الزيغ والجهل والبعد، وفي عين بحر الذات أغرقني إنه ... محل شهود الحق في كل مشهد" (٤).

وقال أيضًا: "من كحَّل عينيه بإثمد توحيد الذات لا يستبعد أن يكون الحق جلَّ جلاله يتجلَّى بتجلٍّ خاصٍّ من أسرار ذاته وأنوار صفاته ... إذ تجلِّياته لا تنحصر، بل كل ما ظهر في عالم الشهادة فإنما هو نورٌ من تجلِّي ذاته" (٥).

وهذه الأقوال السابقة تُعدُّ من الانحراف العظيم في باب الاعتقاد؛ لما فيها من التعدي على خصائص ربوبية الله - عز وجل - والتي خالف فيها النصوص الشرعية التي


(١) البحر المديد ٣/ ١٥١.
(٢) عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر منصور بن علي، ولد في جبل العلم القريب من تطوان، وتوفي به سنة ٦٢٥ هـ، اشتهر بالصلاة المشيشية، وهي ورد لأهل الوحدة والاتحاد. ينظر: الروض العطر الأنفاس، ص ٣١٢، طبقات الشاذلية، ص ٨٥.
(٣) شرح صلاة القطب ابن مشيش، ص ٣١.
(٤) الفهرسة، ص ١٠٨.
(٥) البحر المديد ٢/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>