للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن عجيبة مثله مثل غيره من الأشاعرة في إثباته لأسماء الله الحسنى، يثبتها إلا أنه يثبتها بما يوافق معتقده الأشعري، فإذا كان الاسم دالًا على صفة يؤولونها، نفوا دلالة الاسم على هذا المعنى الذي ينفونه، وإن كان موافقًا لمذهب السلف، وسأذكر أمثلة على ذلك منها:

اسم الله (العلي الأعلى): أول المعنى؛ لكي ينفي صفة العلو الذاتي لله - عز وجل -.

وهذا التأويل قال به عددٌ من الأشاعرة (١)، وسيأتي إثبات هذه الصفة وفق معتقد أهل السُّنَّة والجماعة.

اسم الله (الحليم): أوَّل المعنى بقوله: "الذي لا يعاجل بالعقوبة لمن يستحقها" (٢).

وهذا التفسير الذي أراد به التنزيه -بزعمه- قد عطَّل صفة الله - عز وجل -، فقد أوَّل الاسم لنفي الصفة، بل قال: "فيكون من الصفة النفسيَّة" (٣).

اسم الله (النور): أوَّل معناه بـ (منوِّر السموات).

ففسَّره بلازمه مع عدم إثبات ما تضمَّنه من الصفة.

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "والقرآن والحديث وأقوال الصحابة صريحٌ بأنه - سبحانه وتعالى - نور السماوات والأرض، ولكن عادة السلف أن يذكر أحدهم في تفسير


(١) قال عبد القاهر البغدادي: "في إحالة كون الإله في مكان دون مكان"، ينظر: أصول الدين للبغدادي، ص ١١٣، ويقول أيضًا: "لا يحويه مكان، ولا يجري عليه زمان ... قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان". ينظر: الفرق بين الفرق، ص ٣٣٣.
(٢) تفسير سورة الفاتحة، ص ١٤١.
(٣) المرجع نفسه, ص ١٤١، وسيأتي بيان تقسيم الصفات عند الأشاعرة.

<<  <   >  >>