للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظة بعض معانيها ولازمًا من لوازمها أو الغاية المقصودة منها أو مثالًا ينبه السامع على نظيره، وهذا كثيرٌ في كلامهم لمن تأمَّله، فكونه سبحانه هاديًا لا ينافي كونه نورًا، وما ذكر ... أنه بمعنى منوِّر ... لا ينافي كونه في نفسه نورًا وأن يكون النور من أسمائه وصفاته بل يؤكّد ذلك، فإنَّ الموجودات النورانية نوعان (منها) ما هو في نفسه مستنير ولا ينير غيره كالجمرة مثلًا، فهذا لا يقال له نور، ومنها ما هو مستنيرٌ في نفسه وهو منيرٌ لغيره كالشَّمس والقمر والنار، وليس في الموجودات ما هو منوِّرٌ لغيره وهو في نفسه ليس بنور بل إنارته لغيره فرع كونه نورًا في نفسه" (١).

وما تأوله ابن عجيبة باطل، فأئمة السَّلف - رحمهم الله - أثبتوا هذا الاسم حقيقة لله - عز وجل -.

قال ابن القيم: "ومن أسمائه النور" (٢).

ويقول أيضًا: "الله - عز وجل - سمَّى نفسه نورًا، وجعل كتابه نورًا، ورسوله نورًا، ودينه نورًا، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار أوليائه نورًا يتلألأ، قال الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٣) (٤).

وما فسَّره ابن عجيبة بكونه مُنوِّر السماوات والأرض، فهو يفسر الأسماء بلوازم معناها مع نفي الصفة، وإلا فالنُّور الذي هو من أوصافه قائمٌ به، ومنه اشتق له


(١) مختصر الصواعق ٢/ ١٩٩.
(٢) المرجع نفسه ١/ ١٦.
(٣) سورة النور: ٣٥.
(٤) مختصر الصواعق المرسلة ٢/ ٤٠٥.

<<  <   >  >>